الشراكات الصناعية: نهج استثماري في المستقبل
في عالم يواجه
تحديات وجوائح وأزمات، وارتباك في سلاسل التوريد في المنتجات الاستراتيجية، مثل
الغذاء والدواء، كان آخرها "حتى الآن" جائحة كوفيد-19، اتخذت دول العالم
تدابير استثنائية لتعزيز قدراتها الإنتاجية النوعية، وتأمين سلاسل التوريد
المحلية، في الوقت نفسه، اتخذت دولة الإمارات استراتيجية واضحة لوضع حلول مرنة في
مواجهة هذا التحدي، بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة
"مشروع 300 مليار"، وهي الاستراتيجية الصناعية المتكاملة، التي شكلت
"نهجاً استثمارياً وطنياً في المستقبل"، للدولة، وللأجيال القادمة.
منذ عامين،
عندما تأسست وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات، كان لدينا في قطاع
المسرعات الصناعية دور رئيسي ضمن هيكل الوزارة، حيث عملنا في اتجاهين، تمثل الأول
في ترسيخ منظومة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاع الصناعي، أما
الاتجاه الثاني، فكان إزالة أية عقبات تنظيمية أمام نمو هذا القطاع، خصوصا في عالم
يسعى بجدية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، الغذائي والدوائي ومن بعدهما كافة المنتجات
الاستراتيجية.
وتعد إدارة
الشراكات والاستثمار في قطاع المسرعات الصناعية، إحدى أهم الأدوات التنفيذية
لتحقيق تلك المستهدفات الاستراتيجية، خصوصاً على مستوى تحفيز الاستثمارات الأجنبية
والمحلية وعكس الفرص التي تعزز الجاذبية الاستثمارية للقطاع الصناعي، وتنسيق آليات
التمكين بين الجهات المعنية في القطاعين الحكومي والخاص والمستثمرين الحاليين والمحتملين،
وكذلك تطوير العلاقة بين المجتمع الصناعي الداخلي والخارجي، خصوصاً إذا ما تعلق
الأمر بهدف استراتيجي وطني، مثل تعزيز تنافسية دولة الإمارات صناعياً، وهو ما
عملنا عليه ووقعنا بالفعل اتفاقيات خلال العامين الماضيين مع دول في أربع قارات،
تتضمن أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وإفريقيا.
ليس أفضل من
الاستثمار في المستقبل، من خلال تحفيز القدرات الحالية، وتمكين القطاع الصناعي بكل
الحوافز والممكنات، وتمهيد الطريق للانطلاق نحو صناعات استراتيجية وحيوية، من نهج
قائم على التكنولوجيا المتقدمة ومفاهيم وحلول الثورة الصناعية الرابعة، والتركيز
على الصناعات ذات الأولوية، وهدفنا تعزيز مكانة وتنافسية القطاع الصناعي في دولة
الإمارات، وتحقيق حالة من التوازن في ما تحتاج إليه أسواقنا من منتجات، وكذلك ما
يمكن تصديره إلى الخارج، وليس فقط مجرد التصدير، وإنما جعل هذا المنتج خيار أفضل
في أذهان المستهلكين.
ومن خلال إدارة الشراكات والاستثمار التي تدير
قاعدة بيانات ومعلومات متكاملة عن الشركاء، والجهات المعنية على مستوى الجهات
الدولية والشركاء الحكوميون والقطاع الخاص في دولة الإمارات وخارجها، نعمل على
توفير بيئة مساندة لتكوين علاقات بناءة
وجاذبة للمستثمرين، ونطور منصات تواصل
وتعاون فاعلة لتعزيز مشاركة الجهات المعنية لتحفيز نمو الأعمال وتقدم التسهيلات والمحفزات اللازمة لإنجاح
المشاريع الصناعية في دولة الإمارات، إضافة إلى إدارة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم
والتعاون التي تبرمها الوزارة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
وتدعم إدارة
الشراكات والاستثمار كذلك المفاوضات الثنائية ومتعددة الأطراف، وتوقيع الاتفاقيات
بين الحكومات في مجالات الثورة الصناعية الرابعة والتحول التكنولوجي، كما تقوم
بدور تنسيقي بين صناديق الاستثمار في الدولة والجهات المحلية والشركات الأجنبية
القائمة لتعزيز فرص التوسع والنمو، وتستهدف تحقيق المواءمة بين خطط الاستثمار
والتمويل والأولويات الوطنية في قطاع الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وصولاً إلى
تمثيل دولة الإمارات في المنظمات والمعارض والمؤتمرات الإقليمية والدولية بالتنسيق
مع الجهات الحكومية المعنية.
ومن أجل مزيد
من التحديد، والوصول السلس إلى المستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب الشركات الصغيرة
والمتوسطة والمواهب من كافة أنحاء العالم، طورت إدارة الشراكات والاستثمار في قطاع
المسرعات الصناعية، "دليل المستثمر الصناعي"، الذي يحمل دعوة لكل الفئات
المذكورة لزيارة صفحة "Make it in the Emirates" في
الموقع الإلكتروني للوزارة www.Moiat.gov.ae، والتي
تحتوي على نسخة قابلة للتنزيل من دليل المستثمر الصناعي، والاطلاع على أبرز
الأولويات والحوافز الاستثمارية والفرص الواعدة في عدد من القطاعات الرئيسية.
ونعود إلى جائحة
كوفيد-19، التي لم تكن سوى وسيلة لتسريع الخطى، وابتكار الحلول، فالعالم كله
يتسابق لتحقيق مرونة أكثر في سلاسل التوريد، وإزالة التحديات والقيود على انتقال
السلع والمنتجات، وهو ما كشفته بعض الصعوبات اللوجستية في التوريد والنقل أثناء
كوفيد-19، ما أثار تساؤلات حول مستقبل استقرار سلاسل التوريد العالمية، وما عزز
خطواتنا في تمكين القطاع الصناعي ورفع جاهزيته الاستثمارية للمستقبل.
تفاصيل الإصدار
ديسمبر 06, 2022