القياس والمعايرة: قدرات إماراتية داعمة للقطاعات الصناعية والاقتصادية الحيوية
يعد علم القياس (المترولوجيا) أحد أبرز عناصر تطور منظومة البنية
التحتية للجودة، والتي بدورها تمثل ركيزة أساسية من ركائز الاستراتيجية الوطنية
للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، كما أنه يحظى باهتمام دولي، استناداً إلى أثره المباشر
وغير المباشر على نمو وتنافسية كافة القطاعات الصناعية والاقتصادية والتجارية.
ومن هذا المنطلق، تعمل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة،
على تعزيز ريادتها المحلية والإقليمية والدولية في هذا الملف، بالتنسيق مع الجهات
الحكومية على المستوى الاتحادي والمحلي
وشركائنا من القطاع الصناعي والخاص، بهدف تمكين القطاعات المختلفة بمنظومة بنية تحتية للجودة تعزز القيمة الوطنية
المضافة للصناعات الوطنية، وتسهيل التبادل التجاري.
وفي المجال الصناعي تعتبر عمليات القياس والمعايرة عنصرا رئيسيا
لرفع جودة المنتجات، وعاملاً رئيسياً لزيادة تنافسيتها وقبولها في الأسواق المحلية
والدولية، بالإضافة الى أهميتها في تقليل تكاليف الإنتاج وتقليل الهدر الناتج عن
أخطاء القياس، ومنذ سنوات طورت الوزارة "اللائحة الفنية لكمية المنتج في
العبوات المعبأة مسبقا" التي وفرت الوقت والجهد وساعدت المنتجين
على تقليل الخسائر المالية الناتجة عن هدر المواد الخام، بالإضافة إلى تحقيق الدقة
في الأوزان والكميات للمنتجات بالنسبة للمستهلكين.
وعلى سبيل المثال توصلت دراسة أجرتها الوزارة بالمشاركة مع أحد
المصانع الوطنية للعصائر الطبيعية عام 2022، ان تقليل خطأ القياس بمقدار 15 ميليلتر
في العبوات التي يتم إنتاجها في المصنع سنويا يساهم في تحقيق وفر اقتصادي يصل الى
6 مليون درهم سنويا للمصنع، بما يعكس الأثر الإيجابي على الصناعة الوطنية، ويعزز الثقة
بالمنتجات الوطنية للمستهلكين، وكذلك يساهم في تعزيز البيئة الجاذبة للاستثمارات الصناعية في
الدولة.
ليس هذا فحسب، بل يساهم في توفير قياسات بيئية تلبي الاشتراطات
القياسية لخطوط الإنتاج لتمكين القطاع الصناعي من تحقيق الاستمرارية في الارتقاء
بجودة منتجاته وخدماته، مثل قياسات الحرارة والرطوبة والوزن والأحجام للمنتجات،
بما يضمن تلبيتها للاشتراطات المحلية والدولية، وبالتالي حصولها على شهادات
المطابقة اللازمة لتصديرها وتسهيل وصولها إلى كافة الأسواق العالمية.
وتتبنى الدولة في مجال المترولوجيا العلمية والصناعية أفضل
الممارسات الدولية حيث تعتبر دولة الامارات من أوائل الدول على المستوى الإقليمي
الموقعة على اتفاقية المتر الدولية عام 2014 وانضمت الى اتفاقية الاعتراف المتبادل
بنتائج القياس والمعايرة وتم الحصول على الاعتراف الدولي بعدد كبير من إمكانيات
القياس والمعايرة الوطنية وصلت إلى 17
قدرة قياس مختلفة تم نشرها على قاعدة بيانات المكتب الدولي للأوزان والمقاييس في
عام 2023.
وفي مجال الاستدامة، وعن طريق جهود التنسيق والتكامل للوزارة مع
الجهات المعنية الاتحادية والمحلية، تبنى مجلس الوزراء الموقر في عام 2023 اللائحة الفنية لضبط قياسات جودة
الهواء، والتي تعنى بشكل مباشر في رفع كفاءة ودقة القياسات لعناصر جودة الهواء مثل
الأوزون وثاني أكسيد الكربون والنيتروجين وثاني أوكسيد الكبريت وغيرها من الملوثات
البيئية وذلك بالتعاون مع الجهات المانحة للاعتماد ودوائر البيئة المحلية ومن خلال
تنظيم برامج اختبارات جدارة على المستوى الوطني لرفع كفاءة مختبرات القياسات
البيئية ومحطات الرصد البيئي في الدولة.
كما تشارك وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة -من خلال
القياسات البيئية- بشكل فاعل في فريق الأجندة الوطنية لجودة الهواء، بالتعاون مع
وزارة التغير المناخي والبيئة، والعديد من
الجهات الوطنية المعنية بالحفاظ على الاستدامة البيئية في الدولة.
وأود أن أنوه بجهود شركاء الوزارة من القطاع الحكومي الاتحادي والمحلي، والقطاع الخاص، لدورهم التنسيقي معنا في التوعية بأهمية القياس، ودوره في تعزيز تنافسية منتجاتنا وأسواقنا، وتشجيع الابتكار، والتحديث المستمر للمواصفات والمقاييس والتشريعات وفق أحدث ما توصل إليه العالم.
د. فرح علي الزرعوني
وكيل الوزارة المساعد لقطاع المواصفات والتشريعات
تفاصيل الإصدار
ديسمبر 21, 2023